من السهل جدا ان تتطرف.. وتلقى بزجاجة هنا وتذهب تاركا غيرك بحصد الموت والخراب.. سهل ذلك جدا لمن عاش في عزلة عن الاخرين او ارتبط بمصالح هنا وهناك او تشده إلى الخلف مشاعر ظلامية، لكن من الصعب جدا ان تزرع المحبة وتقطف ثمر التنمية وتوسع حديقة او تجدد مدرسة او تزرع شجرة، فهذه الاشياء بحاجة لقلب ابيض، وعقل نظيف، ومبدأ يقوم على الحق، وايمان بالمستقبل. ان العاقل وحده وصاحب المشاعر الانسانية والمتحضر هو الذي يدرك ان هناك فرقا بين حرق مدرسة وبنائها.. والانسان السوي.. لا الحقود الشاذ، هو من يفرق بين زرع شجرة او اجتثاثها من الارض.. ولا يحتاج الامر إلى عبقرية للتمييز بين الانسان الذي يمسك صباحا بايدي اطفاله في طريقه بهم إلى المدرسة، وبين من يمسك بزجاجة حارقة يقذف بها تلك المدرسة.. ورغم ذلك فاننا قد نجد عذرا للاخر ان كان لا يفهم من يقوده إلى هذه الاعمال المدمرة وما هي مصلحته منها.. ان كان يقبل التفكير للحظة وبمنطق بسيط هو.. ماذا يعود علينا حرق مدرسة..؟ وماذا نكسب من تدمير شبكة كهرباء او نسف اشارة مرور او حرق بنك او مؤسسة يسترزق منها آلاف الاشخاص. هذه المقارنات البسيطة والعفوية والتي لا تحتاج لفلسفة او تنظير انما هي مبادئ بسيطة وعفوية بامكان اي فرد، مهما كان مستوى تعليمه ان يفهم هذه المبادئ ويؤمن بها ويرفض ان يتجاوزها بركوب موجة التطرف التي يخسر على اثرها اي مجتمع كل هذه المكاسب الضرورية التي لو كتب لهؤلاء الذين يحرقون ويدمرون ان يحققوا هدفهم ويتم لهم تدمير كل شيء مثلما يريدون فلنتصور حينذاك شكل الحياة برمتها.. نحن على يقين ان هؤلاء لو ذهبوا الآن إلى اراض كثيرة، كان الجهل والارهاب عنوانا لها، ووصل بها إلى احط مسار من مسارات الحياة وشاهدوا او تفرجوا على الحالة في ارض بلا كهرباء ولا ماء ولا مدارس ولا هاتف بل ولا حياة لوجدوا ان كل ما قاموا به يتعدى مستوى الجريمة ليصل إلى صورة من صور القرون الوسطى.. فهل هذا الذي يحلم به هؤلاء وهم يسيرون في طريق الارهاب وزعزعة الاستقرار وترويع المواطنين، فما هو محتوى هذه الرسالة التي يدعون، وفي اي شريعة حتى لو كنت من الغاب تبرر مثل هذه الاعمال. كما قلنا من البداية ان الاسهل هو التدمير والاصعب هو البناء.. فبامكانك ان تدمر مدرسة في طرفة عين او تنسف مؤسسة في اقل من دقيقة وبامكانك ان تحرق قرية كاملة بعود ثقاب.. لكن كم سيكلفك ان تبني المدرسة وتنشئ قرية؟ لو فهم هؤلاء هذه المعادلة البسيطة جدا واستوعبوا الدروس من الدول التي جعلت من فرق الارهاب والتطرف تتحكم بالحياة هناك لوجدوا ان ما قاموا به لا يعدو ان يكون مجرد ركوب لموجة ارهابية لن تكون ثمرتها سوى خراب الجميع، وهم اول الجميع.. الآن وبعد كل ذلك.. وبعيدا عن السلبية في اعلان المواقف والاتكالية.. وعدم تحمل مسؤولية الامن الذي نرتجيه والاستقرار الذي نبتغيه.. بعيدا عن الخوف والخنوع.. وتحديدا للانتماء الوطني الصحيح.. وفعل الانسان الغيور على ارضه.. على وطنه.. ماذا يمكن للانسان فوق هذه الارض ان يقدم للوطن..؟ انه السؤال الذي يجب على كل مواطن حر غيور ان يجيب عليه.. بينه وبين ضميره.. حفظ الله البحرين وشعبها من كل مكروه عاشت لنا وعشنا لها.